ما هو مستقبل برامج المحاسبة؟



لعل من أشهر المقولات والاستشهادات التي يعرفها الكبير والصغير "وراء كل رجل عظيم إمرأة" ولكن في مجال الأعمال والشركات نقول: "وراء كل شركة ناجحة، قسم محاسبة رائع!" وهذا بالطبع صحيح،

لأن المحاسبة هي لغة التجارة والمال، وهي جزء رئيسي ومهم في كل شركة سواء أكانت صغيرة أو كبيرة، لأنها وسيلة أساسية لقياس مستوى الأداء الاقتصادي فيها، ولقد ساهمت التكنولوجيا في تطور المحاسبة خلال العقد الماضي بشكلٍ كبير، حيث غيرت تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من شكل المحاسبة المتعارف عليه، وحولته من مجرد إجراء حسابات بسيطة على الآلة الحاسبة إلى تنظيم العمليات المالية والإدارية من الألف إلى الياء.

ولمعرفة مستقبل برامج المحاسبة وأهميتها وكيفية استفادة الشركات الناشئة منها؛ تابع قراءة المقال.

مستقبل برامج المحاسبة

تلخصت مسؤوليات المحاسب وأعماله فيما مضى بحساب مرتبات الموظفين في المؤسسة وجدولتها وإنشاء التقارير المالية بين الحين والآخر، وذلك بسبب نقص الموارد والآليات التي من شأنها مساعدته على رفع كفاءة العمل وتوفير الكثير من الوقت والجهد، أما اليوم فإن المحاسبة شملت ترتيب وتبويب وتلخيص وتسجيل وتحليل البيانات وأتمتتها، وهو ما يساعد الأشخاص على اتخاذ القرارات المناسبة لمصلحة العمل.

وإليك صورة مفصلة عن ماهية مستقبل برامج المحاسبة، وتأثيرها على الشركات والقطاع الاقتصادي بشكل عام:

دور تقنية البلوكتشين في المحاسبة

تُعد البلوكتشين منذ ظهورها، عام 2009 كطريقة غير مركزية لحفظ معاملات العملات المشفرة، من أهم التقنيات التي يعتمد عليها لإحداث ثورة تكنولوجية في جميع المجالات. والمحاسبة ليست ببعيدة عن ذلك حيث يمكنها الاستفادة من تقنية البلوكتشين وكذلك العقود الذكية في زيادة سلامة البيانات المُخزنة، ومشاركة المعلومات المهمة مع الإدارات المعنية، ذلك بالإضافة إلى توثيق بيانات الأعمال بشكل لا يدع أي مجالٍ للشكل.

استخدام الشركات لهذه التقنية المذهلة سيمكنها من إنشاء أنظمة محاسبة جديدة تقوم بتسجيل المعاملات والتحقق منها على دفتر استاذ عام آمن بشكل كامل. وفي هذه الأنظمة سيتمكن المديرون والمحاسبون وشركاء الأعمال وحتى المستثمرون من القيام بأي معاملة والتحقق من كل المعاملات وقت حدوثها دون أي قلق على سلامة البيانات.

تطوير برامج المحاسبة للشركات مع وافِق وحلول المشكلات الشائعة في البرامج الأخرى.

الأتمتة الكاملة لبرامج المحاسبة

ويعني هذا أن الوظائف المالية المتعلقة بالمحاسبة ستُصبح آلية بشكلٍ كامل، بحيث سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي للوصول إلى مجموعة أكبر من البيانات ومن مصادر أكثر، وهو ما سيؤدي إلى تحسين الخدمات وزيادة الأرباح ومواكبة المستجدات بسرعة أكبر، إذ تُشير الدراسات إلى أن قرابة 77% من مجمل أعمال المحاسبة التي يقوم بها العقل البشري يُمكن أن تُنجزَ بالكفاءة نفسها باستخدام الآلات، ومن تلك الأعمال إدخال البيانات وإجراء العمليات الحسابية المتعلقة بها والحصول على النتائج والمخرجات بضغطة زر واحدة.

وهذا يعني أن قطاعات عديدة مثل البنوك وشركات التأمين والشركات والمنظمات ومؤسسات الإحصاء والوزارات والدوائر الضريبية ومكاتب المحاسبة القانونية وغيرها ستدخلُ عهداً جديداً مختلفاً عما عرفته سابقاً.

محاسبون بمستوى محترف

تطور قسم المحاسبة في أي مؤسسة يعني بالضرورة تطور المحاسبين، فمن إيجابيات عملية الدمج بين المحاسبة والتكنولوجيا النهوض بمستوى المحاسبين وزيادة كفاءتهم، على عكس العديد من القطاعات الأخرى التي حلت فيها الآلة مكان الإنسان وأصبحت بديلاً عنه.

لقد ساهمت التقنيات الجديدة للذكاء الاصطناعي والواقع المعزز بخلق جيل جديد من المحاسبين الذين يتميزون بالقدرة على العمل ضمن فريقٍ قوي، وامتلاك مهارات معرفية وفنية شاملة أهلتهم للعمل مع الوحدات الأخرى في المؤسسة نفسها بمرونة عالية، وجعلتهم قادرين على تقديم رؤىً وأفكارٍ مستقلة لتطوير الشركة وزيادة عائدات الاستثمار فيها، وليس هذا وحسب بل إنهم أصبحوا أكثر قدرةً على مواجهة التحديات الجديدة والتعامل مع المشكلات باحترافية عالية.

هؤلاء المحاسبين الجدد أصبحوا مستشارين اقتصاديين وخبراء ومتخصصين في مجال الأعمال، مما فتح الباب أمام الكثير منهم لفرص مهنية حديثة لم تكن متاحةً للمحاسب من قبل، مثل التحليل الاقتصادي وتدريب المحاسبين حديثي التخرج.

تعرف على ما هي أفضل 7 شهادات في المحاسبة لعام 2024.

النمو السريع لبرامج المحاسبة السحابية

تعمل برامج المحاسبة السحابية على تحسين إدارة الأعمال المالية، وذلك بفضل مجموعة من الخصائص الهامة المتوافرة بها كمتابعة الحسابات وتوفير تقارير دقيقة وشاملة عن الأعمال التجارية، وهو ما جعلها ضرورة ملحة في أي مؤسسة أو شركة.

بل إننا لا نبالغ بالقول بأن من المتوقع أن تُصبح برامج المحاسبة السحابية ركيزةً أساسية في قسم المحاسبة، فإلى جانب جمع كميات هائلة من البيانات وتوفير تقرير عنها، توفر البرامج السحابية إمكانية ترتيب السجلات ومعالجة البيانات وتسهيل الوصول إليها في أي وقت وبسرعة كبيرة مع الحفاظ على الجودة، وتتميز هذه البرامج عن تقنية الذكاء الاصطناعي بأنها تتيح للأشخاص العمل بحرية على البيانات وإضفاء لمستهم الإبداعية عليها. وقد وصلت نسبة المحاسبين الذين يستخدمون برامج المحاسبة السحابية في القطاع العام لأكثر من 91% بينما لا تزال أقل من 72% في القطاع الخاص.

تأمين وسلامة البيانات

يُعد الأمن والخصوصية من أهم الأمور التي يبحث عنها العملاء في أي شركة يسعون لاستثمار أموالهم فيها، وذلك مع تزايد مخاطر السرقة وهجمات القرصنة التي تتعرض لها العديد من المواقع الإلكترونية والشركات، ولطالما كان قطاع المحاسبة مستهدفاً بشكل رئيسي لأنه يحتوي على معلومات خاصة وحساسة مثل مرتبات الموظفين والأرباح والضرائب وغيرها.

وتتعامل الشركات مع هذا الأمر بجدية عالية لأن أي تساهلٍ أو خطأ قد يعرض سمعتها للخطر أو يُغرقها في التعويضات القانونية التي عليها دفعها للعملاء في حال تم اختراق حساباتهم، ولهذا تلجأ الشركات إلى البرامج التقنية التي تتمتع بدرجةٍ كبيرة من الأمان لمنع حدوث ذلك.

خفض تكاليف برامج المحاسبة

كانت خدمات قطاع المحاسبة قديماً مقتصرةً على حساب مرتبات الموظفين ونصائح متواضعة من هنا وهناك، أما اليوم فإن العملاء يبحثون عن خدمات أكبر وأكثر تنوعاً مثل توجيهات وإرشادات حول استثماراتهم، وحساب ضرائبهم، وإمكانية الحصول على الخدمات الحكومية من قروض ومساعدات وتسهيلات وغيرها، وحساب الزيادات وخصومات الإجازات وغيرها الكثير.

ولتلبية تلك الاحتياجات الجديدة كان لزاماً على المحاسبين التوجه لتقنيات جديدة أيضاً، فكانت تقنيات التعلم الآلي والذكاء الإصطناعي التي يُنفق عليها أصحاب الشركات مبالغ أقل مما يعني توفير المزيد من المال وبالتالي زيادة الأرباح مع الحفاظ على مستوى جودةٍ عالٍ كما ذكرنا سابقاً.

دليل أسعار برامج المحاسبة في السعودية.

نمو الأعمال في السوق

أشارت التقارير الأخيرة المتعلقة بقطاع المحاسبة إلى أن أكثر من 50% من المحاسبين قد لاحظوا تغيراً كبيراً في عملهم بعد الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي، وبأنهم انتقلوا من مجرد ناقلين للبيانات إلى محللين ومعالجين لها، وبأنهم أصبحوا يتمتعون بمهاراتٍ جديدة لم تكن ضرورية من قبل، مثل المقدرة على حل المشكلات والنقد الفني للأعمال المالية، وهم بدورهم أوصلوا تلك التقارير إلى صُناع القرار في المؤسسات والشركات، الذين فوجئوا ببنية واضحة ومتكاملة من البيانات مكنتهم من اتخاذ قرارات أفضل، أسهمت في توسيع نطاق علاقاتهم مع الشركات الأخرى وبناء اسم أكثر ثباتاً في السوق.

تعزيز الاقتصاد الرقمي

أثرت جائحة كوفيد-19 على كافة القطاعات في مختلف أنحاء العالم، إذ لجأت العديد من الشركات والمؤسسات إلى الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لتسيير أمورها، وهو ما سرّع من انتقالها إلى الاقتصاد الرقمي بوتيرة أعلى، فأصبحت المحاسبة تعتمد على التطبيقات الآلية لجمع البيانات وتحليلها والاستفادة منها، وبات مؤكداً أن جودة النتائج في النهاية تعتمد على جودة البيانات، ولقد أشارت الإحصائيات الأخيرة إلى أن 20% من المدراء الماليين يتجهون إلى تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين نمو أعمالهم حتى بعد انتهاء الجائحة.

الحفاظ على العنصر البشري

مهما بلغت أهمية الآلة في الذكاء الاصطناعي أو غيره فإنه لا بديل لنا عن اليد البشرية على الإطلاق، فمع التحول الضخم إلى الاقتصاد الرقمي والاعتماد على التعلم الآلي ظهرت العديد من الفرص الجديدة التي خلقت وظائف غير مسبوقة للإنسان في قطاع المحاسبة، مما جعل المدراء يدركون ان عليهم التكيف مع الوضع الجديد لا استبداله أو تقليص اليد العاملة فيه.

اقرأ أيضاً: برنامج فواتير عربي: أداة فعالة لإدارة الفواتير في أعمالك.

ما القادم لبرامج المحاسبة؟

يتوقع الخبراء والمختصون نمو برامج المحاسبة بشكل كبير خلال العامين القادمين، وهو ما يعني أن على المحاسبين ألا يتوقفوا عن البحث عن المهارات الجديدة الضرورية لصقل قدراتهم وإبراز مواهبهم في التحليل والدراسة، والتركيز على القيمة الحقيقية للعملاء بدل القيام بالعمليات الحسابية بشكل روتيني ممل، فعلينا ألا ننسى أنه في الوقت الذي يسعى فيه المحاسب لتنمية مواهبه وقدراته فإن برامج المحاسبة تنمو بشكلٍ متسارع هي الأخرى.