ما هي أخلاقيات المحاسبة؟

قد يبدو العنوان غريباً على البعض، فلطالما ارتبطت المحاسبة بالأرقام والحسابات والإحصائيات، لكن ماذا عن الأخلاق؟، للمحاسبة أخلاقيات مهمة أيضاً تُحدد القواعد والإرشادات والقيود التي يجب أن يلتزم بها المحاسبون والمدققون عند العمل في الشركات والمؤسسات، وفي هذا المقال سنتحدث بشكل مفصل عنها.

ما هي أخلاقيات المحاسبة؟

يقتضي عمل المحاسبين ضرورة الوصول إلى المعلومات المالية الحساسة للأشخاص والشركات، ولذلك فإن أخلاقيات المحاسب أمرٌ بالغ الأهمية، إذ يُمكن للبعض استغلال ذلك الحق على نحوٍ سلبي عبر إساءة استخدام البيانات، أو التلاعب بها من أجل تحسين أداء الشركة وأرباحها بشكل مختلف ومناقض للواقع.

وينطبق الأمر ذاته على المدققين أيضاً، الذين يتمتعون بتلك السلطة إلى جانب المحاسبين، ولهذا فإن على إدارة الشركة إيقاف أي عملية تدقيق مشكوكٍ بأخلاقيات أفرادها بمجرد الشعور بذلك.

ميثاق السلوك المهني (دليل أخلاقيات المحاسبين)

قامت المنظمات التنظيمية للمحاسبين القانونيين المعتمدين على وضع مجموعة واضحة ومميزة من القواعد والإرشادات التي يجب على المحاسبين والمدققين الالتزام بها، وتُعرف باسم "ميثاق السلوك المهني".

ويتضمن الميثاق العديد من الركائز الهامة في وظيفة المحاسبة مثل النزاهة والمصداقية والأمانة، وتُعتبر تلك القواعد عالمية بالعموم على الرغم من وَضعِها من قِبل دولٍ ومنظمات مختلفة. والآن فلنتفحص تلك اللوائح بشرحٍ أكثر تفصيلاً.

الاستقالية

يُعد مبدأ الاستقلالية أحد أهم المبادئ التوجيهية الرئيسية التي وَضعتها الجهات التنظيمية المعنية بأمور المحاسبة في أمريكا الشمالية، والذي يقوم على أنكَ كمحاسبٍ أو مدقق يجب أن تكون محايداً تماماً وبعيداً عن أي روابط أو علاقاتٍ مع العميل كي تتمكن من القيام بعملك بشكل نزيه تماماً.

إذ إن تضارب المصالح وتقاطع الفوائد قد يؤدي إلى التأثير على حكم المحاسب أو المدقق وطريقة عمله دون تحري الصدق، ويمكن القول أن هناك نوعان من الاستقلالية:

• الاستقلالية الحقيقية.
• الاستقلالية المزيفة.

ويُمكن تحديد نوع الاستقلالية للشخص من خلال معرفة بعض الحقائق عنه، كامتلاكه لحصصٍ أو أسهم في الشركة، فبالتأكيد ذلك سينفي عنه صفة الحيادية، فالمحاسب أو المدقق الذي يتمتع باستقلالية حقيقية هو الذي ينظر في سجلاتها ووثائقها المالية بشكل مهنيٍ بحت، بناءً على خبرته ومقدرته على التقييم بنزاهة وعدلٍ مطلقين.

أما الاستقلالية المزيفة فتكون عندما يؤثر شيءٌ ما على حكم المدقق، فتخيل لو أن صاحب شركة قام بدعوة مدققٍ ما للحفل السنوي الذي تقيمه شركته، وقبل مغادرته أهداه المدير ساعةً ثمينة، فهل سيكون عمل المدقق محايداً حينها؟ هل يمكننا ضمان ذلك؟

في بعض الأحيان قد يتم إخضاع المدقق لاختبار مسبق للتأكد من مدى نزاهته ومصداقية نتائجه، أو قد يُوظف مدقق آخر لمراجعة عمله من أجل حل مشكلة تضارب المصالح وتداخلها.

إقرأ المزيد عن المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية.

متى تكون استقلالية المدقق في خطر؟

قد تبرز بعض التهديدات والظروف التي تقلل من استقلالية المدقق وتجعلها موضع تشكيك، ومن تلك المخاطر:

• الألفة: إذا كان المدقق والعميل أصدقاء قدامى أو أفراد أسرة واحدة.
• الخوف: قد يهدد العميل المدقق بأي شكل من الأشكال، فيؤثر على طريقة تعامله مع البيانات المالية في الشركة.
• المصلحة الذاتية: إذا كان للمدقق مصلحة مالية مباشرة مع العميل، مثل امتلاكه لأسهم في المؤسسة، أو أن له مبلغاً كبيراً من الرسوم غير المدفوعة.
• المراجعة الذاتية: إذا كان المدقق هو نفسه الشخص الذي يقوم بمهمة مسك الدفاتر والمراجعة.

قواعد هامة أخرى

فيما يلي بعض الإرشادات والقواعد الإضافية المقدمة من هيئات المحاسبة المهنية:

• الرسوم المشروطة غير مسموحة إذ لا يمكن الدفع لمدققي الحسابات بناءً على تحقيق أرباح الشركة أو نجاحها في الحصول على قرضٍ ما.
• النزاهة والالتزام إذ يجب إتمام عملية التدقيق على الفور وبشكل جاد ونزاهة عالية.
• الكفاءة المهنية إذ يجب أن يكون المدقق مؤهلاً للعمل، من خلال امتلاك الخبرة الأكاديمية الكافية والخبرة العملية أيضاً.
• الإبلاغ عن الانتهاكات وتُعرف هذه القاعدة أيضاً بالكشف عن الفساد، إذ يُلزم أي محاسب عام معتمد بالإبلاغ عن أي مخالفة أو انتهاك لمعايير المنظمات الدولية بالسرعة القصوى.
• السرية إذ لا يُسمح للمدققين بمشاركة أي معلومات خاصة تتعلق بالعميل مع أطراف ثالثة.

كما نرى فإن أخلاقيات المحاسبة تُعدُ جزءًا هاماً من كل مؤسسة وعملية تدقيق، فبدونها لن نضمن صدق النتائج أو عدم تحيز المدقق، ولن يتمكن المستثمرون ورجال الأعمال من اتخاذ قرارات مبنية على حكمٍ عادل.