مقالات المتخصصين
كيف تقوم بإدارة إيرادات شركتك بدون أن تُخالف المعايير المُحاسبية؟
بقلم/ وليد ياسين
تعلم أن قائمة الأرباح أو الخسائر هي المُؤشر الرئيس لقياس أداء الشركة وأهم أربع بنود فيها هم الإيراد والربح الكلي والربح التشغيلي وصافي الربح، ويُطلق على بند الإيراد (Top Line) نظرًا لأنه أول رقم تقع عيون المُستثمر عليه، كما أنه كلما زاد رقم الإيراد زادات باقي بنود وأرقام قائمة الأرباح أو الخسائر وتأثر كثير من النسب والمُؤشرات المالية غالبًا، ولذلك ترغب إدارة الشركات بزيادة وتضخيم رقم الإيرادات سواء كان ذلك بطُرق مُخالفة أو مُتوافقة مع شروط المعايير وخصوصًا معيار الإيراد رقم (IFRS 15).
ومن طُرق التلاعب وتضخيم الإيراد والتي تُعتبر مُخالفة لمعايير المُحاسبة هو تسجيل مبيعات وهمية أو تسجيل إيرادات قبل وقت استحقاقها، وأحد الممارسات التي تستخدمها الشركات لتنفيذ ذلك هي الحيلة المُحاسبية حشو القنوات (Channel Stuffing)، والتي من خلالها تقوم بشحن مُنتجات للموزعين أكثر مما يحتاجونهُ.
لكن كيف تقوم الشركات بتضخيم وهندسة الإيرادات بدون أن تُخالف المعايير المُحاسبية؟
الإجابة تكون في استخدام أوامر البيع التي لم يتم شحن البضاعة الموجودة بها للعميل حتى تاريخ إقفال الدفاتر والقيود المُحاسبية وهو ما يُطلق عليه (Sales Backlog).
ما هي الـ (Sales Backlog)؟
تبدأ دورة المبيعات عندما يقوم العميل بطلب المُنتج عن طريق أمر بيع (Sales Order) فتقوم الشركة بتسليم المُنتج للعميل ويُسمى أمر البيع هنا (Filled Order) ويتم تسجيل الإيرادات، وأما أوامر البيع التي لم تقم الشركة بتسليم المُنتجات المطلوبة فيها تُسمى (Unfilled Order)، وعند إقفال الدفاتر والفترة المُحاسبية يُسمى إجمالي أوامر البيع التي لم يتم شحن وتسليم منتجاتها للعميل باسم (Sales Backlog).
كيف يتم استخدام (Sales Backlog) للتلاعب وتضخيم وهندسة الإيرادات؟
يمكن استخدمها في زيادة نسبة نمو المبيعات وهزيمة توقعات السوق والمُحللين كالتالي:
في حالة انخفاض مبيعات الفترة الحالية تقوم إدارة الشركة بتكريس كل الموارد والطاقات من أجل تسليم المُنتجات الموجودة في أوامر البيع قبل الوقت المُحدد لتسليمها حتى يمكن لها تسجيل إيرادات في نهاية الفترة المُحاسبية الحالية، وذلك يعني أن الشركة تقوم بتخفيض كمية الـ v (Sales Backlog) وتسرق جزء من مبيعات الفترات المُستقبلية لتُسجلها في الفترات الحالية.
وفي حالة كانت مبيعات الفترة الحالية جيدة وتتوقع الشركة أن تكون مبيعات الفترات المُستقبلية مُنخفضة، هنا تقوم إدارة الشركة بتأجيل تسليم المُنتجات في الفترة الحالية حتى يتم تسليمها وتسجيلها كإيراد في الفترات المُستقبلية وذلك يعني أن الشركة ترفع كمية الـ (Sales Backlog) وتسرق جزء من مبيعات الفترات الحالية لصالح الفترات المُستقبلية.
هذه الممارسة كما ذكرنا لا تُخالف معايير المُحاسبة الدولية ومن الأمور البديهية التي تقوم بها الشركات بشرط أن يتم الإفصاح للمُستثمر عن مبالغ الـ (Sales Backlog)، كيف تم احتسابها، التغير في قيمتها من فترة لأخرى، ما يخُص المشروعات غير المُكتملة التي تُحقق خسائر، هامش الربح المُتوقع منها، ما يخُص كل منتج أو منطقة جغرافية، وأخيرًا كيف يتم استخدمها للتحكم في هندسة مبيعات الفترات المُحاسبية.
وذلك لأن وجود كمية ومبالغ كبيرة من الـ (Sales Backlog) قد يكون له دِلالات إيجابية للمُستثمر مثل:
- زيادة الطلب على مُنتجات الشركة وبالتالي زيادة التدفقات النقدية المُستقبلية للشركة.
- توقع نمو المبيعات بشكل مستقر. وقد يكون له دِلالات سلبية مثل:
- عدم كفاءة عمليات التشغيل والقدرة الإنتاجية للشركة،
- عدم رضاء العميل بسبب طول فترة التسليم وبالتالي احتمالية خسارة مبيعات مُستقبلية لصالح المُنافسين.
والعكس يحدث عندما تكون كمية ومبالغ الـــ (Sales Backlog) ليست كبيرة.
وإن لم يتم الافصاح عن ذلك فقد تم تضليل المُستثمر ومُخالفة المعايير لأن هذه الممارسة لا تربط ما بين الظروف الاقتصادية والطلب على المنتج وحركة ونمو المبيعات في كل فترة، وإليك هذه القصة التي تُؤكد ما نقول:
شركة (VMware) المُتخصصة في الخدمات السُحابية وإدارة الشبكات - والتي وصلت قيمتها السوقية وقت كتابة هذا المقال حوالي 53 مليار دولار - جزء كبير من إيراداتها يأتي من بيع تراخيص استخدام برامج السوفت وير وقد بلغ إجمالي إيراداتها في عام 2019 حوالي 8.9 مليار دولار، لكن مع صعود شركات أخري في هذا القطاع مثل أمازون ويب سيرفس ومايكروسوفت، توقعت الشركة أن المُنافسة ستكون شرسة ونمو المبيعات وأداء الشركة سيتأثر في عام 2020.
ولذلك قامت الشركة بتأجيل تسليم تراخيص مُنتجاتها التي كان يجب أن يتم تسليمها خلال عام 2019 حتى يتم تسليمها وتسجيلها كإيراد في عام 2020 حيثُ بلغت الإيرادات في هذا العام 10.8 مليار دولار، وقد بلغ إجمالي مبالغ الـ (Sales Backlog) في عام 2019 حوالي 499 مليون دولار في حين أنها انخفضت في عام 2020 لتكون 18 مليون دولار فقط.
هذا الانخفاض الشديد في مبالغ الـ (Sales Backlog) لفّت انتباه هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) وقمت بفحص دفاتر الشركة خلال تلك الفترة وتبين أن الشركة كانت تستخدم الـ (Sales Backlog) لهندسة توقيت الاعتراف بالإيراد وسرقة جزء من مبيعات الفترات الحالية لصالح الفترات المُستقبلية.
وبالرغم من أن الشركة كانت تُفصح عن مبالغ الـ (Sales Backlog) إلا أنها كانت تتخير ما تُفصح عنه (Selective Disclosure) ولم تٌفصح عن أنها كانت تستخدم الـ (Sales Backlog) لهندسة توقيت الاعتراف بالإيراد، ولذلك اعتبرت هيئة الأوراق المالية الأمريكية ذلك كتضليل للمٌستثمر وقامت بتغريم الشركة بمبلغ 8 مليون دولار.
اشترك الآن
ابدأ الآن مع وافق وحقق كل أهدافك المالية عبر إدارة أفضل لأعمالك.
يعبر هذا المقال عن رأي كاتبه بصورة كاملة ولا يعبر بالضرورة عن آراء "وافِق" وفريق العمل.
المصادر: