ما هي التكلفة التنافسية وكيف تؤثر على الأعمال؟

قد تتعرض أي شركة أو مؤسسة إلى ارتفاع النفقات والمصاريف بسبب تأثير التضخم على التكاليف التشغيلية، وعلى الرغم من وجود آليات احترازية في الحالات المماثلة، إلا أن القليل من المدراء يتبعونها وخاصة أولئك الذين يعملون في الشركات الكبيرة، ولم يفكروا في تأثير احتياجات رأس المال المتزايدة على قدرتهم التنافسية على المدى الطويل، فكيف يمكن الخروج من ذلك المأزق؟ أو تجنب حدوثه؟ إليكَ مجموعة من النصائح والحيل للقيام بذلك.

كيف تقع الشركات في فخ التكلفة التنافسية؟ (مثال)

بدأ مديرو شركة وَصلك برفع الأسعار لحماية هوامش الربح وتغطية التكاليف المتزايدة خلال سنوات التضخم، وقد شعرت الشركة بالثقة وبأن خطتها تسير بالاتجاه الصحيح بعد أن أدركت أن جميع منافسيها اضطروا إلى التصرف بشكل مشابه.

مشكلة الظروف الانكماشية

بعد ذلك انخفضت القوة الشرائية والطلب في السوق، وبدأ الانكماش وتلاه ركود حاد، واتجه المستهلكون إلى منافسي شركة وَصلك الذين استغلوا فرق الأسعار لتحقيق الأرباح والخروج من هذا المأزق، وبالمقابل لم تستطع وَصلك اللجوء إلى رفع الأسعار لتغطية نفقاتها المتزايدة بالتدريج، باختصار كان المنافسون يُحققون الربح بينما كانت وَصلك تغرق بالخسارة أكثر فأكثر.

وما زاد الأمر سوءًا هو توقف المنافسين عن دعم ارتفاع الأسعار في السوق حتى عندما كانت الضرورة ملحة لذلك.

كيف سيطر المنافسون على السوق؟

وَقعت وَصلك في فخ التسعير العدواني أو ما يُسمى بالتسعير الافتراسي وهي استراتيجية تَستخدمها الشركات للسيطرة على السوق وطرد المنافسين عبر تحديد السلع بأسعار منخفضة، وذلك تماماً ما قام به منافسو وَصلك مستغلين تقدمهم من حيث القدرة التنافسية.

فقد تفاءلوا بتحقيق أرباحٍ جيدة تُمكنهم من استثمارها ببناء مصانع جديدة أو تحديث منشآتهم الحالية لمواكبة السوق، رغم أن ذلك يتطلب الكثير من المال، في الوقت الذي كانت وَصلك لا تزال مقتنعة بإمكانية تحقيق العوائد من رفع الأسعار التي يُمكن للمنافسين هزيمتها بسهولة.

تحليل التكلفة الإستراتيجية

يُستخدم تحليل التكلفة الاستراتيجية لتحديد الاستراتيجية الأنسب للشركة، والتي تُمكنها من تحقيق مزايا تنافسية، وتُمر بمراحل أربعة هي:

• تقييم تكلفة المنتج منذ المراحل الأولى للتصنيع حتى وصوله إلى المستهلك، إذ إن التضخم يؤثر بشكل مختلف على كل شركة في أي مجال من مجالات الصناعة.
• إنشاء ما يُعرف بسلسلة القيمة وهي مخطط أو رسم بياني يُستخدم لوصف النطاق الكامل للأنشطة اللازمة لإنشاء منتج أو تقديم خدمة، ويَعرض القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل عملية السوق.
• تقييم التغييرات طويلة المدى في مراكز تكلفة المنافسين مقارنةً بالتغييرات الخاصة بك.
• دراسة تأثير التضخم على نفقاتك في المستقبل، وتأثيره على نفقات المنافسين أيضاً. باتباعك لهذا التحليل ستتمكن من إنتاج سلع وبضائعٍ منخفضة التكلفة، وتركيز جهودك على مجال معين في السوق، وتمييز منتجاتك عن منتجات منافسيك، وهو ما يُجنبك من الوقوع في فخ التسعير التنافسي.

إقرأ المزيد عن الفرق بين التكلفة الثابتة والتكلفة المتغيرة؟.

التميز في المنتجات

إذا كنتَ تَعتمد على التميز في منتجاتك لتحقيق الأرباح، فإن زيادة الأسعار سيكون لها تأثير سلبي على ذلك، فالمستهلك مستعد لدفع مبلغ أعلى مقابل الحصول على المنتج الأفضل من حيث الجودة، وإلا فإنه سيُفضل دفع ثمن أقل لمنافسيك معتبراً إياها صفقة أفضل، لذلك فإن محاولة الخروج من أي أزمة وتعويض التكلفة برفع الأسعار هي أمر يجب دراسته بحذر شديد.

تميز من حيث القدرة التنافسية

إن أفضل طريقة لضمان وجودك وتفوقك في السوق مع كل أولئك المنافسين هي التركيز على المنتج نفسه، وهو ما يُعزز القدرة التنافسية من خلال التسويق والإعلان الجيدين وزيادة المبيعات والتصنيع الممتاز وغيرها، والتركيز عليها أكثر من التكاليف والمصروفات التشغيلية.

حاول تطبيق استراتيجية (المنتج المميز) وتأكد من أن تكاليف شراء المعدات والآلات الجديدة المطلوبة لتطوير منتجك يمكن تعويضها عن طريق تحسينات الأداء وجذب العملاء واختيارهم لمنتجك، وضمان عدم الذهاب إلى أي منافس أو بديل أقل تكلفة.

التركيز على قاعدة معينة من العملاء

واحدة من أفضل النصائح التي يُمكن أن نقدمها لك في اتباع استراتيجية سليمة لضبط تكلفة العمل هي التركيز على مجموعة معينة من العملاء وتحديد الشريحة المستهدفة قبل إطلاق المنتج أو تقديم الخدمة، إذ إن حصر قاعدة العملاء سيُقلل من حاجتك إلى إنفاق المزيد من التكاليف وزيادة رأس المال والحاجة لتنمية أعمالك خلال فترات متقاربة.

كما أن ذلك سيسمح للشركة بمعرفة وتحديد منتجاتها الأكثر رواجاً في السوق وبالتالي تحسينها ورفع مستواها لتحقيق أرباح تتناسب وتكلفتها العالية عند التصنيع، وتُعد طريقة العمل هذه مفيدة بالفعل لأنها تسمح بوضع أهداف استراتيجية تتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية في السوق وتزيد من إنتاجية إيرادات الأصول الرأس مالية المكلفة.

ختاماً

يجب على الشركات أن تضع خططاً استراتيجية تتناسب والتغييرات طويلة الأجل المحتملة في تكلفة تصنيع منتجاتها، فهذا سيُجنبها الوقوع في فخ التضخم ويُكسبها ميزة تنافسية من خلال التفكير بشكل استباقي في العواقب طويلة الأجل لارتفاع التكلفة على المدى القصير.

وغالباً ما تتعرض معظم الشركات لضرورة إجراء تعديلات على أسعار منتجاتها لمواجهة التكاليف المتزايدة بين الحين والآخر، وهو أمر طبيعي تماماً، إلا أن المشكلة تكمن في توقيت القيام بذلك وقيمته بالمقارنة مع الشركات المُنافسة، فحتى لو كانت هنالك فروقات بسيطة في الأسعار في البداية فقد تؤدي في النهاية إلى تغييرات كبيرة في القدرة التنافسية للتكلفة.

لذا فإن من الضروري فهم كيفية وضع الاستراتيجية المناسبة لهيكل التكلفة، وإنشاء ميزة تنافسية مستدامة، بحيث تتسم بالمرونة وإمكانية إجراء تعديلات عليها بناءً على تغير الأسعار.