ما هي المحاسبة الإبداعية؟ وهل هي قانونية؟

ضَبطتْ لوائح وقوانين المحاسبة معظم الحالات التي يتعرض لها المحاسبون والمدققون، إلا أن هناك عدداً قليلاً من الثغرات القانونية في المعايير المحاسبية التي تؤدي في النهاية إلى خلق أرقام مضللة عن الشركات والمؤسسات، وذلك ما يقودنا للحديث عن المحاسبة الإبداعية، فهل سمعت بها من قبل؟ وهل هي قانونية بالأصل؟ كل ذلك وأكثر في هذا المقال.

وعلى الرغم من أن ذلك يُعد منبهاً للمعنين بضرورة تغيير التشريعات المنصوص عليها لمعالجة الثغرات وإصلاحها، إلا أن إجراءات المحاسبة الإبداعية تتكيف من التغيرات الجديدة وتتطور معها!

نقاط رئيسية مهمة

• تَستخدم المحاسبة الإبداعية الثغرات في لوائح المحاسبة لإعطاء صورةٍ مضللة عن الحالة المالية للشركة.
• تَختلف طبيعة أساليب المحاسبة الإبداعية وتتغير باستمرار بحسب القيود والتشريعات.
• استغلال الثغرات القانونية وتطبيق الممارسات المحاسبية قد يؤدي إلى الإضرار بسمعة الشركة أو إلى توجيه اتهامات جنائية وإدانات بالسجن في بعض الحالات.
• يجب على المستثمرين الانتباه والحذر دائماً، وفحص الحسابات المالية بدقة بحثاً عن أي مؤشرات تدل على الاحتيال أو التلاعب.

كيف تتم المحاسبة الإبداعية؟

تُعد القدرة على تقييم الحالة المالية للشركات المنافسة إحدى المزايا الرئيسية التي تُقدمها قوائم المحاسبة العامة، إلا أن تطبيق المحاسبة الإبداعية في الشركات يعني أن تلك القوائم تحتوي على بيانات غير صحيحة ولا تعكس حقيقة الوضع المالي للشركة، إذ يمكن للمحاسبين المبدعين ابتكار طرقٍ غريبة للتلاعب بالأرقام لصالح المؤسسة التي يعملون بها.

ما الهدف من المحاسبة الإبداعية؟

تَهدف المحاسبة الإبداعية إلى جعل الشركة تبدو ناجحة ومربحة قدر الإمكان، ويقوم المحاسبون بذلك من خلال تشويه الحقائق المالية، فعند اكتشافهم لأي ثغرة يسارعون للاستفادة منها وجذب المستثمرين حتى لو كانت خاطئة ومضللة.

هل المحاسبة الإبداعية خطرة؟

في معظم الحالات يؤدي اكتشاف التلاعب واستغلال الثغرات في المحاسبة الإبداعية بالإضرار بسمعة الشركة، وخاصة عندما لا توافق توقعات المستثمرين الحقائق على أرض الواقع، سواءً في المشاريع قصيرة أو طويلة المدى، إذ سيكون لذلك تأثير سلبي كبير على أسعار الأسهم وحصص المالكين. ولكن هناك بعض الشركات التي تدعم أساليب المحاسبة الإبداعية، وتُظهر استعدادها لتحمل المخاطر المترتبة عليها في حال اكتشافها.

طرق المحاسبة الإبداعية

للمحاسبة الإبداعية طرق وأساليب متعددة، تتغير بتغير القوانين والتشريعات الموضوعة، وفيما يلي سنتناول أبرز الطرق المتبعة لذلك:

تخطي الإيرادات المتوقعة

تُعد هذه الاستراتيجية واحدةً من أكثر الطرق التي تتبعها الشركات لإيهام المستثمرين بأنها تُحقق أرباحاً كبيرة، بحيث تقوم بتسجيل الإيرادات في بياناتها المالية قبل أن تكسبها بالفعل، وذلك حتى قبل تسليم المنتجات أو تقديم الخدمة، ويُمكن للكثير من المحاسبين استغلال هذه الطريقة بأسوء صورة ممكنة.

تقليل تكاليف الإهلاك

وهي ممارسة محاسبية شائعة تسمى رسملة الأصول، حيث تختار الشركة توزيع نفقات الأصول على مدى عمرها الإنتاجي بدلاً من انفاقها مرةً واحدة، من خلال خفض الرسوم السنوية على أصول معينة وتعديل البيانات المالية للشركة بناءً على ذلك، ويمكن تحقيق ذلك من خلال طريقتين هما: زيادة قيمة الإنقاذ المقدرة للأصل أو إطالة العمر الافتراضي له.

تكاليف التأجيل

وتعني هذه الطريقة تأجيل تكاليف الفترة المحاسبية الحالية مثل الإيجار ومدفوعات المورد من أجل جعل الأرباح تظهر بصورةٍ أفضل.

إخفاء الالتزامات المحتملة

هي شكل من أشكال التلاعب في التقارير المالية وزيادة صافي الدخل أو حقوق المساهمين في الشركة من خلال عدم حساب قيمة الالتزامات المتوقعة أو التقليل من تكلفتها، ومن الأمثلة على ذلك المعاش التقاعدي للموظفين بحيث يُمكن للشركة تغيير قيمته المقدرة وإهمال التزامات الشركة وتقديراتها المالية لحسابه.

التلاعب بالمخزون

المخزون هو القيمة السوقية للمنتجات المُصنعة ولكن غير المباعة، وإذا بالغت الشركة في تقدير قيمة مخزونها فسيؤدي ذلك إلى تقليل تقدير تكلفة البضائع المباعة، مما يؤدي إلى ارتفاع صافي الدخل بشكل غير حقيقي. ومن أجل الحفاظ على بيانات مالية دقيقة من المهم للشركات أن تحسب بدقة القيمة الحقيقية لمستويات مخزونها ومعدل مبيعاتها.

إقرأ ما كتبه وليد ياسين عن "الحِيلَة المُحاسبية حشو القنوات" في مقالات الرأي على وافِق

أمثلة على المحاسبة الإبداعية من الواقع

استخدمت شركة Enron Corp وهي شركة أمريكية للطاقة والسلع والخدمات، مجموعة متنوعة من تقنيات المحاسبة المشكوك فيها في التسعينيات، وقبل إعلان إفلاسها في عام 2001 قامت بإخفاء الديون وتقليل الخسائر وتغيير العديد من الأرقام المالية لتخفي مشاكلها المالية وتظهر بمظهر الشركة الناجحة. لكن لاحقاً وخلال التحقيق أقر اثنان وعشرون من المدراء التنفيذيين بالذنب وتزوير الأرقام بشكلٍ غير قانوني، وحُكم على العديد منهم بالسجن لفترة طويلة.

هل يمكن اكتشاف ممارسات المحاسبة الإبداعية بسهولة؟

العديد من الفضائح المذكورة أعلاه لم يتوقعها المحللون أو مدراء الأصول أو الصحفيون المتخصصون في الشؤون المالية، مما يعني أنه ليس من السهل على الدوام اكتشاف ممارسات المحاسبة الإبداعية. إلا أن ذلك لا يعني أن على المستثمرين الاستسلام للأمر وتقبل تلك الإجراءات المشبوهة، بل على العكس تماماً إذ يُمكن للشكوك البسيطة أن تؤدي إلى فحص البيانات المالية للشركة والتحقق من الأرقام المحاسبية والكشف عن أي ممارسات غير طبيعية بسهولة.

هل المحاسبة الإبداعية قانونية؟

على الرغم من أن ممارسات المحاسبة الإبداعية قانونية لأنها تستفيد من ثغرات القانون وقواعده، إلا إن المحاسبين يسعون دوماً لإصلاح تلك الثغرات ومعالجتها لكي لا تؤدي في نهاية الأمر إلى الاحتيال والتلاعب، تماماً كما حدث مع شركتي Enron و WorldCom.

ختاماً

تُظهر المحاسبة الإبداعية الوضع المالي للشركة بشكلٍ أفضل مما هو في الحقيقة، وذلك بالاستفادة من الثغرات القانونية، وعلى الرغم من أن القيام بذلك ليس محظوراً إلى إنه قد يؤدي في النهاية إلى الإضرار بسمعة الشركة وإفلاسها، ناهيك عن العواقب الخطيرة التي قد تتضمن السجن ودفع الغرامات، ولقد وضحنا ذلك من خلال أمثلة عملية أعلاه.

لذلك نوصي رواد الأعمال بعدم اللجوء إلى تلك الممارسات من أجل تحسين أداء الشركة وتعزيز سلامتها المالية، وإنما يمكن ذلك باستخدام الطرق القانونية.